فاضيلي: طوفان الأقصى أحدث زلزالا استراتيجيا لأمريكا

فاضيلي: طوفان الأقصى أحدث زلزالا استراتيجيا لأمريكا

كشف الباحث الأكاديمي علي فاضيلي، أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية تعتبر عاملا رئيسا في مواقف الأطراف من حرب الإبادة في غزة.
وقال فاضيلي، في تدوينة مطولة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس تريد وقف الحرب الآن لتبعاتها الخطيرة على التوجهات الأمريكية الاستراتيجية، مبرزا أن التوجهات الأمريكية الاستراتيجية مؤطرة باحتواء تنامي النفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادي، لكن الطوفان كان له تأثير كبير على ذلك التوجه الاستراتيجي.
ومن أجل إدراك تأثير الطوفان على أمريكا استحضر الباحث الأكاديمي نقل جزء كبير من الأصول العسكرية الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط لردع إيران والمحور، وهي عملية جد مكلفة ماليا بالإضافة إلى أنها نقيض الاستراتيجية الأمريكية في التركيز على منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وأشار في هذا الصدد، إلى عدد زيارات وزير الخارجية الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر بلغت عشر زيارات، وهو أمر غير مسبوق بحسبه، واعتبر أن هذه الزيارة ليست بالأمر الاعتباطي، بل لا تتم إلا لأمور استراتيجية حيوية، مستدركا “إنه أمر يظهر مدى ما أحدثه الطوفان من “زلزال استراتيجي” لأمريكا”.
وبيّن كيف أن أمريكا اليوم تريد وقف الحرب لكنها تأخرت، بحيث فقدت جزءا من أوراق الضغط على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، والسبب هو قرب الانتخابات الرئاسية، واعتبر أنه كان بإمكانها وقف الحرب قبل أشهر لكنها لم تقم، والسبب هو “صمود المقاومة، بحيث كان الاعتقاد هو أن الأمر لن يحتاج أكثر من أسابيع لهزيمة المقاومة”، مشيرا إلى كيف خاطب وزير الخارجية الأمريكي نتنياهو مباشرة بعد الطوفان عندما طلب منه نتنياهو دعما أمريكيا طويلا للحرب، فأجابه بلينكن “بل أسابيع فقط”، وهي إشارة وضوء أخضر أمريكيين للدولة المجرمة لتحقيق نصر حاسم خلال أسابيع فقط بعد 7 أكتوبر.
غير أنه يضيف الباحث ذاته، “صمود المقاومة لم يكن متوقعا وضع الإدارة الأمريكية في مأزق استراتيجي، لتبدأ سلسلة المفاوضات التي لم تنتهي، والسبب أن أمريكا تريد تحقيق نصر للدولة المجرمة بالسياسة بعد أن عجزت عسكريا”.
وأضاف أن أمريكا اليوم “بايدن وهاريس”، في معضلة حول كيفية التعامل مع تطورات القضية، خوفا من توظيف ترامب لأي خطأ لصالحه، مبينا أنه “لذلك أمريكا -بايدن-هاريس تعول على الداخل الصهيوني المعارض لنتنياهو لدفعه لإيقاف الحرب”.
وأبرز فاضيلي، أن نتنياهو يعي حقيقة ورطة الادارة الأمريكية الحالية لذلك يحاول توظيفها قدر الإمكان لاستمرار حرب الإبادة، فهدفه هدنة يعيد من خلالها بعض الأسرى ثم يعاود الحرب في فترة تكون فيها الانتخابات الامريكية في أوجها، مما يمنحه هامشا كبيرا في الحركة، “فهو يعلم أن نجاح هاريس سيجعلها تدفع نحو وقف الحرب خدمة لمصالح أمريكا بعد أن تكون قد تجاوزت ورطة الانتخابات، وهدفه هو المساعدة في نجاح ترامب، والذي سيدفع هو الآخر نحو وقف الحرب لكن مع منح دولة الاحتلال حرية كبيرة في الحركة وفي تطبيق سياسات القضاء على فكرة حل الدولتين”.
وأما المقاومة، فهي بحسبه، تعي حساسية اللحظة المرتبطة بالانتخابات الأمريكية، وتعي أهداف نتنياهو والإدارة الأمريكية، “لذلك فهي تعمل على تحقيق هدف وقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة خلال المرحلة الأولى من الهدنة، والحصول على ضمانات بوقف الحرب، وهي تنطلق من النصر الاستراتيجي الذي تحقق مع الطوفان ومع اشتعال عدة جبهات وانفجار الوضع في الضفة، يضاف لذلك أنها حققت هدف توريط دولة الاحتلال في حرب استنزاف، وهو خيار يناقض استراتيجية دولة الاحتلال”.
وعلى صعيد آخٍر، بيّن أن الرد الإيراني مرتبط هو الآخر بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإيران لا تريد عودة ترامب رئيسا لأمريكا، وهي تدرك أن الانتخابات الامريكية دخلت مراحلها الأخيرة والحاسمة، كما تدرك أن أي تصعيد من جانبها في هذه الفترة إما ان يدفع لرد أمريكي قوي أو لتوظيف ترامب التصعيد الإيراني لتحقيق تقدم كبير في الانتخابات عبر اتهام بايدن-هاريس بالضعف وعدم حماية حليفة أمريكا وخادمتها في الشرق الأوسط.
لذلك يرى فاضيلي أن كل طرف يبني جزءا رئيسا من سياساته بناء على لحظة الانتخابات الامريكية، فأي خطأ في التقدير قد تكون له تكاليف استراتيجية كبيرة جدا.