عبد اللطيف الحاميل يكتب: حكومة المونديال


لا أدري صراحة لم سيصوت المغاربة في الانتخابات التشريعية المقبلة على أحد الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي لكي يقود الحكومة الرابعة والثلاثين في تاريخ المغرب و الرابعة في ظل دستور 2011، فالحصيلة الهزيلة والمؤشرات السلبية الصادرة عن مؤسسات رسمية محايدة، بل وعن وزراء في الحكومة، تقتضي أن يحمل المغاربة الحجارة لرجم هذه الأحزاب بدل الذهاب لصناديق الاقتراع للتصويت عليها إذا أردنا أن نساير رئيس مجلس النواب والقيادي في حزب الأحرار راشيد الطالبي العلمي.
ولا أدري أيضا لم سيزعج المغاربة أنفسهم بالذهاب أصلا لمكاتب التصويت لانتخاب ممثليهم في المجالس والمؤسسات المنتخبة إذا لم يتم تصحيح المسار والتراجع عن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين وليس المصوتين في تجربة فريدة لا مثيل لها، حيث أصبح التصويت كعدمه ولم يعد للبرامج الانتخابية والحملات الانتخابية أي معنى.
من سيقود الحكومة المقبلة؟ ليس من السهل قراءة فنجان الأحزاب السياسية بالمغرب، أو بالأحرى فنجان الدولة، لمعرفة الحزب الذي سيتصدر الانتخابات المقبلة. لأن الثرمومتر الذي تقاس به حرارة المشهد السياسي في بلادنا تعطل منذ اعتماد هذا القاسم الانتخابي.
ولا بد أن نفتح هنا أكثر من قوس لنقول بكل وضوح إن الاستمرار في اعتماد هذا القاسم الانتخابي الهجين، وغض الطرف عن المال الانتخابي، وتدخل بعض رجال السلط بخشونة في عملية التصويت سيفرز لنا حكومة بدون شرعية. ولذلك، لابد من تنقية المناخ العام قبل الاستحقاقات المقبلة لتهيئ الظروف لحكومة تستحق بالفعل لقب “حكومة المونديال” الذي تراهن عليه بلادنا لتحقيق الكثير من الأهداف التنموية الضائعة.
إذا كانت الأحزاب السياسية المشكلة للتحالف الحكومي الهش مشغولة هذه الأيام بمن سيتصدر الانتخابات المقبلة، فإن ما يهمني شخصيا، ويهم عموم المغاربة، هو مدى ارتباط “حكومة الكفاءات” الحالية بهموم المغاربة، ومدى قدرتها، فيما تبقى لها من وقت، على تحسين ظروف عيشنا بعيدا عن الخطابات العاطفية المدغدغة للمشاعر لـ “زعماء” سياسيين يفهمون في كل شيء إلا في السياسة.
لقد ارتقى الدستور بمكانة الوزير الأول إلى رئيس للحكومة ووضع الإدارة تحت تصرفه ومنحه صلاحيات واسعة تعزيزا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، و حتى لا يختبئ خلف الظواهر الطبيعية ، أو خلف أسوار القصر الملكي كما قال الملك ذات عيد عرش، لتبرير فشله وعجزه عن تحقيق بعضا من الوعود التي وزعها بسخاء خلال حملته الانتخابية.
ما يهم حقا ليس هو الحزب الذي سيقود الحكومة في الخمس سنوات المقبلة، بل الأساس الذي ستستند إليه هذه الحكومة، أي الشرعية، ومدى قدرتها على تنفيذ تعهداتها وبرامجها. ومن هنا، ينبغي أن تشكل محطة 2026 فرصة لتعزيز دور الأحزاب السياسية باعتبارها شريكا في السلطة ومشتلا لإنتاج النخب الموكول إليها تدبير الشأن العام مركزيا ومجاليا. أولا، لأن التنمية مقرونة بالديمقراطية، وثانيا لأن لا ديمقراطية بدون انتخابات حرة ونزيهة وأحزاب قوية ومستقلة.
وينبغي كذلك أن ينتبه الماسكون بزمام الأمور إلى أن فرصة “المونديال” مناسبة للقطع مع هذا التردد المزمن فيما يتعلق بتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية و الإنصاف الترابي والتنمية المستدامة. فلا يمكن أن يقف المغرب على رجل واحدة لأن المغاربة سواسية في الحقوق والواجبات، سواء كانوا في القرية أو المدينة. وهذا لا يمكن أن يتم بدون انتخابات حرة ونزيهة ومشاركة حقيقية لهؤلاء المواطنين في اختيار من يمثلونهم.